سوق تطبيقات التوصيل
في وقتنا الحالي تحظى الكثير من شركات التوصيل بشهرة واسعة على المستوى العالمي والعربي، لما توفر هذه التطبيقات من وقت وجهد وتختصر على المتسوقين عناء البحث والتسّوق باختيار المطاعم والوجبات المناسبة، ويجدر بالذكر أن سوق تطبيقات التوصيل أصبح سوقً لا يستهان به حيث أن بلغت قيمة سوق خدمات التوصيل عالميًا حوالي ٦,۰٥٥ مليون دولار أمريكي في عام ۲۰۲۱، ومن المتوقع أن يصل إلى ۳٤,٤۲٤ مليون دولار أمريكي بحلول عام ۲۰۳۰، بمعدل نمو سنوي مركب قدره ۲۱.۳٪ خلال الفترة المتوقعة (۲۰۲۲-۲۰۳۰).
وهذا يفسر ما أحدثته خدمات التوصيل من طفرة تقنية كبيرة في عالم التجارة الإلكترونية وذلك لكثرة الطلب على تلك الخدمات وخاصة مع التطوّر التكنولوجي المتسارع والذي ألقى بضلاله على قطاع الخدمات اللوجستية.
عدن وشركات التوصيل
دعونا من خلال هذه المقالة نتعرف على أهم وأبزر التحديّات والصعوبات والفرص بمجال شركات التوصيل وتحديدًا في العاصمة عدن.
عندما نتحدث عن اليمن، فنحن غالبًا نتحدث عن وضع مختلف عن أي بلد آخر في العالم، فاليمن تعصف بها الكثير من المتغيرات بسبب الحرب وآثارها التي لازالت ملموسة ليومنا هذا في المحافظات المحررة وأيضًا التذبذب المستمر لأسعار الصرف والظروف الاقتصادية للبلد مما يعني ضعف القوة الشرائية وضعف مستوى دخل الفرد.
لكن رغم ذلك ظهرت شركات توصيل في مدينة عدن، وهنا أعني الشركات التي تعمل بنظام Same-Day Delivery أي التوصيل أو التسليم في نفس اليوم وهو مصطلح لوجستي رائد في مجال التجارة الإلكترونية يشير إلى توصيل الطلبات إلى المستهلكين في غضون ساعات أو في نفس يوم إتمام الطلب (بحد أقصى ۲٤ ساعة).
إن بروز شركات التوصيل في عدن سيسهم في تحريك العجلة الاقتصادية في المدينة لما تترتب عليه تلك الشركات من توظيف موصلين الطلبات وتنشيط التجارة الإلكترونية وأيضًا سيعزز وجودها من القيمة التنافسية لدى الأنشطة التجارية المتنوعة لا سيما الصغيرة والمتوسطة والتي تسعى إلى التنافسية واكتساب رضا العملاء وتعزيز ولائهم للعلامة التجارية ومن ثم زيادة العائد على الاستثمار.
التحديات والصعوبات
إذًا ماهي أبرز التحدّيات والصعوبات التي قد تواجه شركات التوصيل في عدن ؟
خلال بحثنا عن شركات التوصيل في عدن وجدنا أنها تقريبًا 9 شركات توصيل حيث بدأت بالظهور منذ عام 2021 بالإضافة للكثير من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي تحت مسمى توصيل الطلبات ولكنها تبدو جهود شخصية ومتواضعة وبعضها ماتت قبل أن تبدا،
حين دققنا في تلك الشركات وجدنا أن 2 منها قد انتهت بشكل نهائي، وهي الشركات الأولى في هذا المجال ( شبيك ونفعة ) حيث بدأت من 2021 وفي ذلك الوقت لم تكن فكرة توصيل الطلبات رائجة بالشكل الكبير ولا توجد أي تطبيقات شهيرة حينها، بينما تتصدر شركات التوصيل في عدن شركة ( توصيل ) والتي ربما اكتسبت خبرة لأنها بدأت في سوق صنعاء ثم توسعت إلى عدن، وتأتي بعدها شركتي ( سريع ) و ( أيسر بلس ) وتعتبر الشركتين الأنشط حاليًا، وبعدها تأتي شركة ( Karend ) وقد ظهرت مؤخرًا وهي أيضًا في صعود مستمر وبدأت تدخل سوق المنافسة، ومن ثم تأتي الشركات الجديدة ( واجي ) و( طلبات عدن ) و( الصقر السريع ).. والتي ليس لدينا أي انطباع أولي عنها بحكم انها لازالت في بداية مشوارها، غير أنها تبدو شركات جادة وستدخل المنافسة في القريب العاجل.
1.ثقافة المجتمع حول تطبيقات التوصيل
المجتمع اليمني بطبيعته مجتمع حذر ولا يمكنه التأقلم مع التطورات الجديدة بسهولة، أتذكر منذ عام 2020 عندما كنت أتحدث عن تطبيقات التوصيل في البلدان الأخرى وإمكانية نقل التجربة لعدن، كان هناك الكثير من التعليقات المُحبطة مثل : لا أحد يمكن أن يثق بتطبيق توصيل ويمنحك بياناته، الناس لا تعرف من الإنترنت سوى فيسبوك وجوجل، ستحصل على الكثير من الطلبات المزيفة وستخسر الكثير، وفي الحقيقة لم تكن تلك التعليقات خاطئة 100% ولكنها نِتاج لثقافة وجهل في التطوّر التقني وربما التطبيقات شبيك ونفعة كانت ضحية لتلك الثقافة لأن الشركتين كانت تعمل بشكل جيّد في مجال التسويق، أما الآن ونحن في عام 2024 طبعًا تلاشت الكثير من تلك الثقافات المغلوطة وأصبحت فكرة التوصيل رائجة على المستوى المحلي في عدن واليمن عمومًا.
2. تطبيق أو محادثة واتساب فقط ؟
بعض شركات التوصيل في عدن اكتفت بقنوات التواصل الاجتماعي و واتساب كوسيلة للتواصل مع عملائها دون الحاجة إلى تطبيق جوال رغم أن مدينة عدن تعج بالمبرمجين وخريجي كليات الهندسة وبرمجة الحاسوب ، ولكن ربما يعود هذا الأمر إلى أن بعض الشركات لا تستطيع تحمّل تكاليف تطوير تطبيق جوال، و أيضُا ربما لسهولة التواصل عبر واتساب بالذات أن عملاء التطبيق من أعمار مختلفة فربما يطلب أحد من كبار السن وقد يستصعب عليه استخدام التطبيق، بالإضافة للبنية التحتية السيئة لخدمات الاتصالات والانترنت في مدينة عدن تحديدًا، فمن يصدّق أن عدن والتي كانت بها أكثر من 4 شركات اتصالات، اليوم بها شركة اتصال وحيدة مما سبب عليها ضغط شديد بالإضافة إلى سوء التغطية، وهذا يجعل من الصعب استخدام تطبيق التوصيل أو التسجيل فيه لأجل رسائل التحقق عبر sms، ولكن طبعًا حلت هذه المشكلة بعدما أطلقت شركة ميتا خدمة Api whatsapp وأصبح بالإمكان التسجيل وإرسال رسائل التحقق عبر واتساب.
3.تكاليف التوصيل العالية
تواجه شركات التوصيل في عدن، الكثير من الصعوبات ومن ضمنها التذبذب في أسعار الصرف والوضع الاقتصادي السيء، خصوصًا أنها تملك فريق عمل من الموصلين مما يترتب على ذلك صرف رواتب لهم، بالإضافة فإن شركات التوصيل يجب ان تسعى إلى تحقيق توازن ما بين وضع أسعار عالية تتناسب مع ارتفاع أسعار الوقود وخصوصًا انها تعمل بالعملة المحلية وذلك لا يبشر باستقرار تلك الشركات، مقابل القوة الشرائية للعملاء المستهدفين والتي تعتبر ضعيفة إلى حد ما بسبب الأوضاع الاقتصادي الصعبة لكثير من الأسر في عدن والتي يجب مراعاتها لتحقيق رضا العميل، لربما يمكن حل هذه الإشكالية بتقليل التكاليف حيث يمكن التوصيل باستخدام الدراجات الهوائية بالذات أن مدينة عدن ليست بتلك المدينة الكبيرة المترامية الأطراف وأيضاً يمكن توظيف الموصلين بنصف دوام جزء منهم يعملون ليلاً وآخرين نهار بحيث يصبح لديهم عمل آخر في الفترة الأخرى مما يمكَن الشركات من صرف رواتب معقولة وغير مرتفعة، بالإضافة لذلك يمكن عقد شراكات و تعاونات مع الجهات التي يتم التوصيل منها، بحيث تتحمل جزء من تكاليف التوصيل لتخفيف الأسعار على العملاء، بالإضافة لدور التسويق في إبراز الميزة التنافسية والقيمة المضافة مما يجعل العميل يتقبل ويتفهم تلك الأسعار.
4. توصيل الطلب إلى باب البيت
لربما يستغرب البعض وضعنا لهذه النقطة ضمن التحديات، ولكن قلنا مسبقًا اننا حين نتحدث عن اليمن، فهي تختلف عن أي بلد آخر، فمدينة عدن بها الكثير من البناء العشوائي والطرق والمسارات المتعددة والتي لا تستوعبها خرائط جوجل، بالإضافة للحفر والمطبات والتي من الممكن تؤثر على وصول الطعام بشكله الأصلي، لذا فهذا تحدّي آخر.. فمهمة إيصال الطلب كما هو وإلى المنزل الذي يقع في حي شعبي عشوائي ليست بالأمر السهل، يمكن تفادي هذه المشكلة لحد ما من خلال تدريب الموصلين وعمل صناديق مخصصة لتثبيت الطعام اثناء تحرّك موصل الطلب، بالإضافة لفهم ودراسة الطرق والمسارات الأقرب والأسهل.
5.إدارة الطلبات وسرعة التوصيل
جميع شركات التوصيل تحرص من خلال التسويق على جذب العملاء وربما أحيانا المبالغة في إيصال معنى “سرعة التوصيل” مما في المقابل يشكل تحدّي صعب لهذه الشركات في إدارة الطلبات وتوصيلها في الوقت المطلوب، وإلا ستنقلب كل تلك الجهود التسويقية بطريقة عكسية، إن الكثير من نجاح شركات التوصيل يعتمد على هذه النقطة ويجب طرح كل التوقعات سواء في كثرة الطلبات في أيام المناسبات أو الطلبات المتأخرة أو الطلبات الملغية وغيره من أي تحديات طارئة أو تغييرات في الجدول الزمني للطلبات، وهذا يقع على عاتق الشركة بالمقام الأول ثم الموصل نفسه والذي يجب أن يكون حريص وقد المسؤولية، وهذا تحدّي آخر لمسؤول الموارد البشرية لتحديد الموصلين الأكفاء والذي يعتمد عليهم، هذه المشكلة يمكن تفاديها من خلال تدريب الموصلين والجلوس معهم ووضع إدارة صارمة وحقيقية وتحديد وقت زمني محدد لتوصيل الطلبات، بالإضافة إلى ذلك يجب توفير خط ساخن مع الجهات التي يتم التوصيل منها، وذلك حتى لا تتأخر كثيرا عند تجهيز الطلب لأنها في النهاية جزء من الوقت الزمني لتوصيل الطلب إجمالًا.
6.عدم توفر طرق دفع متعددة
من أكثر الصعوبات المعقدة و التي هي سبب مهم لعدم انتشار التطبيقات الخدمية بشكل عام في مدينة عدن، هو عدم وجود طرق دفع متعددة وسهله، حاليًا معظم التطبيقات تعتمد على طريقة الدفع عند الاستلام أو الحوالات المصرفية وبشكل يدوي، مؤخرًا طوّر كلًا من بنك الكريمي وبنك القطيبي خدمة الدفع من خلال ربط API بتطبيق الجوال أو الموقع الإلكتروني لكن هذه الخدمة غير سلسة في الاستخدام وأيضًا شروط الحصول عليها معقدة قليلًا عوضًا عن أنها لازالت بحاجة إلى مزيد من التطوير لتكون أكثر سهولة ومرونة للمستخدم، ونأمل أن تقوم البنوك في عدن بتطوير خدمات الدفع الإلكتروني مما سيعمل على تنشيط التجارة الإلكترونية إجمالًا وخدمات التوصيل بشكل خاص.
7.التطوير والتسويق المستمر
يجب على شركات التوصيل مواكبة كل التغييرات التي تطرأ في هذا المجال، وابتكار أفكار جديدة فمجال توصيل الطلبات مجال مفتوح وكبير، ومن الممكن إضافة عليه أفكار متعددة، أي شركة لابد انها تقوم بعملية تطوير مستمرة وذلك لمواكبة كل جديد وبالإضافة لتحقيق التميز على المنافسين، وهذه الإشكالية يمكن حلّها بتخصيص ميزانية للتسويق واستشارة المختصين في مجال التطوير الإداري والتقني وتطوير خدمات التوصيل مثل إجراءات السلامة للموصلين وارتداء خوذات، أو عمل صناديق خاصة للحفاظ على برودة وسخونة الطعام وغيرها من الأفكار.
خاتمة
وفي نهاية نتمنى أن نرى العاصمة عدن تزدحم بالتطبيقات الخدمية والتي تقدم خدمات تفيد المجتمع بشكل عام، وتستطيع أن تواكب التقدم التكنولوجي، فمدينة عدن لديها تاريخ عريق ومعروف لدى الجميع، ويجب علينا صناعة أيضًا حاضر ومستقبل مميز يواكب التطورات الجديدة في عالمنا.
شركات التوصيل في عدن اغلبها تهتم بالتسويق وخدمة التوصيل سيئة.. كنت بسعودية فرق كبير خدمة التوصيل حقيقية